سؤال برئ: ما أهمية البورصة للإقتصاد؟ وهل خروجنا من المؤشرات العالمية كارثة؟
مع كامل إحترامنا أن ما يقرب من 4.5 مليون مصرى يتعاملون فى البورصة إلا أن 80 مليون مصرى لا يتعاملون بها، ولكنهم ينزعجون من حين لأخر من صيحات الرعب التى يطلقها المتعاملون بها والعاملين فيها «إلحقوا البورصة وقعت»، ويربطون فى هذه الصيحات بين وقوع البورصة وإنهيار الإقتصاد وكأن إستقرار البورصة وانتعاشها عنوانا قويا لإنتعاش واستقرار الإقتصاد.
وأمس سألنى صديق عزيز عن أهمية البورصة ودورها فى الإقتصاد، ومعنى خروج البورصة المصرية من المؤشرات العالمية الكبرى؟
ونظرا لإننى وأسرتى من ضمن الـ80 مليون الذين لا يتعاملون فى البورصة، ومن ثم فأنا كما يقولون «يدى فى الماء البارد» وهو ما يعنى أن حكمى على الأمور وأهمية البورصة من عدمه لن يكون من قلب إحترق بنار الخسارة أو إنتعش بفرحة الربح. إلا أنه سيكون على الاقل من موقع محايد.
البورصة مهمة لعدة أسباب أولها لإنها مجال لتوسيع قاعدة الملكية، يعنى كل شركة ترغب فى طرح جانب من أسهمها فى البورصة فإنما تعترف بشكل ضمنى فى رقابة الشعب على أعمالها وأموالها ومشاركتهم بممثلين عنهم فى مجلس إدارتها، ويصبح عليها عبء إظهار نتائج اعمالها للرأى العام كل ثلاثة شهور طبقا للقانون وتعزيزا لمبدأ الشفافية ومن ثم الرقابة.
الأمر الثانى أن البورصة وسيلة مباشرة للتمويل غير المحمل بأعباء فائدة سواء عند طرح الشركة للإكتتاب أو عند زيادة رأس المال بدلا من اللجوء للبنوك وأسعار الفائدة المرتفعة، كما إنها وسيلة للتمويل عند القيام بأى توسعات تحتاج إلى أموال ليست فى حوزة ومقدرة الشركة فيمكنها الإقتراض من السوق (أى من الشعب) يتم ذلك من خلال إصدار هذه الشركة لسندات بعائد يتم تداوله فى السوق.
البورصة أيضا تختصر الوقت والإجراءات فبدلا من اللجوء لخطوات صعبة جدا تحتاج إلى شهور لتنفيذ عمليات إستحواذ أو إندماج يكفى أن تتم مثل هذه العمليات فى لحظة داخل البورصة.
البورصة كذلك وسيلة من وسائل مكافحة التضخم فبدلا من أن تتجه مدخرات المواطنيين إلى الإستهلاك والضغط على الأسعار تتجه إلى الإستثمار فى أوراق الشركات القائمة والمتداولة فى شكل أسهم أو سندات.
البورصة وسيلة من وسائل توليد الدخل ومكافحة البطالة حيث يمكن لكل شاب لديه قليل من المدخرات أن يستثمرها فى أوراق مالية ويحقق من خلال المضاربة عليها مكاسب تعوضه عن حالة التعطل المؤقت أو الدائم حسب الظروف. ولكن البورصة لا تصنع إقتصادا لإن الأصل والمهم ليس السوق الثانوية التى يتم خلالها المضاربة على الأسهم المدرجة، ولكن الأهم السوق الأولية التى يتم خلالها طرح شركات جديدة تبدأ العمل والإنتاج الحقيقى.
البورصة المصرية ظلت هامشية التأثير بعد ثورة يوليو 1952 حتى أن الدولة كانت تدفع رواتب للسماسرة لحمايتهم وتعويضهم ولكن مع الإصلاح الإقتصادى والإندماج فى السوق العالمية أصبحت البورصة وسيلة لجذب الإستثمارات غير المباشرة والمتمثلة فى استثمارات الأجانب فى الأسهم والسندات المصرية بل وأصبحت وسيلة لإقتراض الحكومة من السوق العالمية بطرح سندات دولارية فى الخارج. وهنا يأتى الرد على السؤال الثانى عن أهمية تسجيل البورصة فى المؤشرات العالمية فمن المعروف أن حركة المستثمر الأجنبى لدخول أى سوق للأوراق المالية يرتبط بحركة هذا السوق على مؤشرات المؤسسات العالمية المعنية بالتقييم والبحوث والتى تعنى مؤشراتها فى النهاية نصيحة للمستثمر العالمى فى الإستثمار فى سوق ما من عدمه. وعادة ما يرتبط تسجيل البورصات المختلفة فى هذه المؤشرات بعدة معايير منها الشفافية والمؤسسية والسيولة والربحية وغيرها، ومن أهم المعايير أيضا إنتظام السوق واستمراريته فى التعامل حيث أن تعطيل السوق يعنى حبس سيولة واستثمارات المستثمر الأجنبى والمحلى بما يحقق خسائر فادحة لهؤلاء المستثمرين، وحددت هذه المؤشرات العالمية عددا معينا من وقف الجلسات لتكون معيارا لحذف سوق ما من المؤشر البعض يعلقها على غياب 30 جلسة أو 40 جلسة، ومن هنا تعالت الأصوات بضرورة فتح البورصة المصرية حتى لا تخرج من هذه المؤشرات العالمية المهمة.
فى النهاية ـ وأنا واحدة من هؤلاء الذين يضعون أيديهم فى الماء البارد ـ أرى أن البورصة المصرية وإن كانت مهمة وفق ما سبق وأوضحناه إلا ان عامل الرقابة يجب أن يأخذ دورا أكثر فاعلية فهناك الكثير من الأمور المخزية التى تمت ممارستها من بعض سماسرة تلاعبوا بحسابات العملاء وأوامرهم للشراء والبيع، ومن قلة تربحوا من وراء أسرار الشركات، ومن بعض أصحاب شركات مارسوا خداعا وتضليلا.
أمور كثيرة يجب إعادتها لنصابها الصحيح. وفى النهاية أنا مع فتح البورصة (ولكن بضوابط) للحفاظ على ما تحقق من مكاسب ومع وضع الضوابط لمعالجة ما كان من خروقات ومن أهم القوانين المطلوبة قانون حرية المعلومات وقانون محاسبة المطلعين على أسرار الشركات إذا ما استفادوا من هذه الأسرار دون باقى المتعاملين فى السوق.
المصدر: الأهرام اليومى بقلم: نجلاء ذكرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق